وَ جَفـَّـتْ الصُحُف

الأربعاء، صفر ٢٩، ١٤٢٧

تحقيق// هل يستعيد الناشر المحلي الإبداع المهاجر؟


اليوم الثقافي
الأربعاء 29 - 02 - 1427هـ
الموافق 29 - 03 - 2006م


السعوديون يشترون 50 بالمائة من الإنتاج العربي المطبوع




منال العويبيل - الرياض

هل يستعيد الناشر المحلي الإبداع المهاجر؟
من أجمل الفرص التي أتاحها معرض الرياض الدولي الفائت للكتاب حضور بعض الإصدارات لمؤلفين سعوديين، التي يمكن وصفها بالإبداع المهاجر/ الزائر أو العائد ربما، وهي الكتب التي اقتصر وجودها مسبقاً على خارج المملكة، بحيث يتحصل عليها القراء المحليون كل على طريقته، أو تتولى توريدها دور نشر خارجية. شملت الإصدارات في المعرض بعض الممنوع مسبقاً، ومنه على - على سبيل المثال - إصدارات لغازي القصيبي، عبده خال، عبدالله ثابت، محمد حسن علوان، رجاء الصانع، بما فاجأ المؤلِّف نفسه قبل المتلقي، فإن كان منعها مسبقاً من قبيل أن الوارد فيها م التابوات التي لا يمكن معها إعطاء الضوء الأخضر لتواجدها محلياً، ما الذي قد يُغري الرقيب تالياً، وبالتالي، يُطمح لخطوات بها من الجرأة ما يفي بتواجد لا يقتصر على المعرض فقط؟ هو تساؤل عن مدى فعلية سعة صدر الرقابة بين ما قبل وبعد معرض الكتاب في الرياض، حيث بات معدوداً كمرحلة انتقالية مازال يتردد صدى تظاهرتها حتى بعد مضي ما يصل إلى فترة الشهر على انقضائه، فما دور الناشر المحلي في الفترة القادمة لاستقطاب الأسماء التي اغتربت إبداعاتها نسبياً في السابق.. لتُنشر عن طريقه محلياً بعد هذا الانفراج الرقابي، في حال كان هذا هو السبب الوحيد للنشر الخارجي؟

سألنا الأستاذ محمد العبيكان مدير دار العبيكان للنشر والتوزيع عن حقيقة ما لامسته دور النشر من انشراح رقابي من قِبَل وزارة الثقافة والإعلام بعد المعرض، وعن مدى جدية هذه الخطوة وعدم اقتصارها على فترة المعرض بما يشابه تغاضي الأب عمّا قد يزجره من فعل / كتاب لاحقاً إبان المناسبات فقط، فبدأ العبيكان بطرح عدد من الحقائق مدعمة بأرقام عن واقع النشر والتوزيع المحلي حالياً، من منطلق أنه خطا بقوة تنافس حتى حضور لبنان ومصر، في ظل ظروف صحية أفرزها السوق المحلي، حيث وصلت الأرقام مؤخراً لنسبة تصل إلى 50 بالمائة تستهلكها السعودية من الإنتاج المطبوع على مستوى الوطن العربي بدون مبالغة وبأرقام حقيقية.
وعلى سبيل المثال مما يحصل محلياً من تظاهرات صحية تتواجد فيها المكتبات بهيئة المعارض الدائمة، بمساحات شاسعة مفتوحة، وتنوع في الطرح يجذب المتلقي.

أما بالنسبة لمرحلة ما بعد معرض الرياض الدولي للكتاب فيرى أنه لابد من إحقاق فكرة أن المرحلة شكّلت نقلة نوعية فعلية، وثورة تجديد للوضع الراهن في مستوى الطرح والتنظيم وفسح الرقابة من وزارة الإعلام والثقافة، الذي لا نستطيع إلغاء حدوده السابقة بقدر ما يمكن وصفه بالأرحب حالياً، مثلاً ما اتضح من أن دور النشر التي تقدمت للمشاركة في المعرض عرضت ما يصل إلى 30 ألف عنوان ، لم يُمنع منها سوى 20، على حين أجيز للبقية التواجد. وذلك لا يلغي أن البعض منها سيتعذر توافره في المكتبات بعد المعرض بحسب نوع فسحه، إن كان مخصصاً للمعرض، أو للرقابة فقط، على سبيل المثال: الفسح الرسمي لروايات غازي القصيبي التي لم تتواجد محلياً في وقت سابق كـ (أبو شلاخ البرمائي) ، ( 7 ) ، ورواية رجاء الصانع (بنات الرياض).وبما يهدف منه بعد هذه النقلة الرقابية في عملية توطين (سعودة نشر) للإبداع الذي كان يستمرئ الطبع الخارجي، يجد العبيكان أنه أمر ولا شك يُطمح له، إلا أننا ببساطة يجب أن نعي الأسباب الأساسية لهذه الظاهرة في ظل وجود ناشرين محليين ذوي سمعة وتسويق جيدين، فمن وجهة نظره يرغب عدد من المبدعين في البعد عن مناظرة الرقابة، أو ما قد يتمسك به الكاتب من مبدأ عدم المساس أو التغيير لأي مما قد يختلف مع الرقيب عليه ولو ببسيط من الحيثيات.
كذلك بعض الاعتقاد السائد بأن الرقيب الذي قد يتولى مؤلَّفه ممن يقلون عنه في المستوى الثقافي مما قد يُجحف في تصوره كتابه. ومن ناحية، يسعى بعض الكتّاب لدور النشر الخارجية بغية الانتشار أو الانطلاق على الصعيد العربي، كنوع من (البرستيج) الذي يصنعه تردد اسم الدار الخارجية. أو أخيراً ، يتجه عدد من الكتاب للنشر الخارجي لمؤلفاتهم التي رفضها الناشر المحلي لضعف مستواها من حيث الجودة أو الاسم، بغض النظر عن حداثة المؤلِّف، أي أن الأمر لا يتعهد الأسماء اللامعة فقط، فدار كالعبيكان تصدر ما يصل إلى 400 كتاب في السنة، بمعدل يمكن وصفه بكتاب أو أكثر كل يوم0

ومن ناحية، يتوج محمد العبيكان رؤيته حول الطرح برغبة صادقة يطالب فيها وزارة الثقافة والإعلام بتشكيل لجنة تبحث فيما مُنع من الإنتاج المحلي الذي يمكن وصفه بالمهاجر، والذي لا يتعدى الـ 100 مؤلَّف لأربعين أو 50 كاتبا سعوديا، بحيث تُشكل لجنة مكونة من مثقفين أكاديميين يتسمون بالوسطية المعتدلة في التناول ينظرون في هذه الكتب وما لها وما عليها، وحقيقة ما إذا كانت مضامينها تمس نواميس يرفض فكرنا الوسطي القدح فيها سواء كان في الدين، السياسة، المجتمع، بحيث يتضح حقيقة رفضها، أما إن ثبت نقيض ذلك فتُفسح، من منطلق هذا الانتعاش الحاصل بعد المعرض، وهي خطوة فعالة ستساهم في توطين الإبداع .

و من ناحية أخيرة، تمنى العبيكان لو أمكن عقد ندوة مفتوحة للكتّاب والناشرين والمهتمين بالشأن الثقافي كنوع من القراءة للمشهد الذي حصل في معرض الرياض وما بعده.


وفي رؤية لعبد الرحيم الأحمدي صاحب ومدير دار المفردات للنشر والتوزيع، حول ما بعد اتجاه للفسح فترة معرض الرياض، من حيث استقطاب المبدع الذي اتكل في وقت سابق على النشر الخارجي، يقول: الدار لا تتراجع أو تتوانى عن طباعة أي كتاب جيد يُفسح من وزارة الثقافة والإعلام، وهذا ما نستطيع في حدوده حالياً، إلا أننا نفتح باب التشجيع للجميع شاملين بذلك الأسماء الشابة القادمة.

ويرى من ناحية، أن التهيب من الرقيب بالاتجاه للنشر الخارجي ليس دائماً مرده حقيقة منع الرقيب بقدر ما يكون أحياناً إحساسا خاصا بالكاتب يتوقع به المنع، وبالتالي يتجه للنشر الخارجي. يضيف: أرى شخصياً أن رواية مثل (بنات الرياض) لا تستدعي البلبلة التي دعت لمنعها، خاصة أنها تتقاطع مع حيثيات في المجتمع بواقعية قد تساعد في العلاج. أظن أنه حان الوقت للمكاشفة الواعية، من منطلق حقيقة مفادها أن مثل هذا الكتاب أو غيره من الممنوع سيقرأها مهتم بالشأن الثقافي، ومدرك لما وراء السطور، وهذا الغالب، وهو ممن يعي الذي وراء ما يقرأه مما لا يستلزم هذا المنع أصلاً، وبالتالي يفعّل ذلك الرقابة الذاتية.

وعن تعرّض الدار في وقت سابق لحالات منع لما رغبت في نشره، يعلق: لم تتعرض الدار لمثل هذه الحالات، إلا أننا كدار نشر نعتبر أنفسنا شركاء للكاتب في المسئولية مناصفة، من منطلق أن الأمر قائم على تعاون مشترك وحقيقي على كافة الأصعدة.

وعما إذا ما كان الوضع بعد معرض الكتاب يشي بمرحلة توطين للإبداع يجيب بتفاؤل بأن وزارة الإعلام وضعت تسهيلات بدأنا تلمسها، ونتمنى من المبدع نفسه التوجه لفكرة النشر المحلي في ظل هذا الانشراح الرقابي والمأمول توسعه، كون الناشر المحلي سيضمن المتابعة المباشرة لإصداره، وتحقيق الرعاية الأمينة التي قد لا يوفرها الناشر الخارجي، الذي يتكل المبدع في تعامله معه على المراسلة في الغالب، والاكتفاء بنسخ القراءة والإهداءات المحدودة للمؤلف، حيث لا تتسم كل الدور الخارجية بمصداقية كافية لخدمة الكاتب، مثل التي سيتكفل بها الناشر المحلي من منطلق المباشرة الحية في التعامل.

السبت، صفر ٢٥، ١٤٢٧

تحقيق// انضمام المرأة ينعش النوادي الأدبية

اليوم الثقافي
السبت 25 - 02 - 1427هـ
الموافق 25 - 03 - 2006م


انضمام المرأة ينعش النوادي الأدبية

عضوية مجلس الإدارة تفتح الباب للمشاركة النسائية الفعالة



منال العويبيل - الرياض
تمت الخطوة الأولى من الألف ميل في إنعاش النوادي الأدبية المحلية، بما يُعد كشطاً لما تقادم من أديم بغية تجديد ما يجري من دماء في حيوات الجهود والأفكار، على أساس تُعتبر فيه المغايرة المرجوة من الآتي لا تقتضي انتقاصاً لأيّ مما سبق، بقدر ما يهدف إلى تراكمية بناءة عوضاً عن تكدس التجارب .
من هذا المنطلق تردد مؤخراً بعد التغييرات التي شملت أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض فكرة دخول المرأة لعضوية المجلس في مرحلة قادمة قريبة، مما يعد نقلة من دورها السابق الذي اقتصر على عضوية اللجنة النسائية المتفرعة من المجلس الرئيس، والتي طالما طُرحت التساؤلات عن دورها الغائب / الحاضر، مما قد يجعل فكرة تواجد المرأة كعضو في الإدارة مبدداً للضبابية الحالية كما يُرجى، في خطوة لا يعني الإبداع النسائي المحلي منها أبهة المنصب والضوء الشكليين بقدر ما يعوّل على سياسة تعاون مشترك متكافئ الفرص في الطرح المطوِّر للوضع .

(اليوم) طرحت هذه الفكرة / التساؤل/ المأمول على عدد من مبدعات المشهد الثقافي الحالي، في محاولة عصف ذهني لرؤاهن حول الأمر، في البداية ترى د. فوزية أبو خالد أن التوجه لخطوة ترشيح المرأة لمجلس الإدارة بالغ الروعة لدرجة أنه سيفتح الباب لنقلة مرحلية للحضور النسائي الذي تأخر تفعيله جداً بعمر إنشاء النادي الأدبي ذاته، والذي قد يجاوز الثلاثة عقود حالياً، بغض النظر عن التواجد السابق للجنة النسائية. وتردف بأنه عوضاً عن التساؤل عن جدوى هذه الخطوة لنعيد الصياغة لـ إلى متى تظل المرأة حبيسة النعوت الخلفية: كالباب الخلفي، والمجلس الخلفي، والواجهة الخلفية للأمور، حيث إن انتقال دور النساء من اللجنة النسائية الحالية التابعة للنادي سيشكل بوناً واضحاً، حيث ستنتقل المرأة من مجرد التواجد لتتمكن في القادم من تقرير المواضيع والأطروحات المتعلقة بالشأن الإبداعي بفعالية أكبر، حيث إن الفترة الحالية ما زالت منحصرة في التنسيق الشكلي مع مجلس الأعضاء الرجال لمعظم النشاطات دون صناعة مشتركة حقيقية للقرار من قِبَلِها، وفي الأمر فرصة لتعاون مشترك متكافئ في فرصه، وساعٍ لتحقيق ما أمكن بأقصى اجتهاد، وإن ظل العمل الإنساني في محصلته النهائية ناقصاً.
وعمَّا قد تفعله المرأة في حال أن تسنح فكرة ترشحها وتصير تجسدا واقعيا لما تردد كأولويات تتوج بها المنصب القادم، رأت أنه يجب الشروع المباشر في التنسيق الفعّال بين الرجال والنساء لأي أجندة للأعمال تُقترح، عن طريق تزكية الأفكار بانتخاب الأفضل دون الاستكانة لأسلوب ترجيح الطرح تبعاً لمزاج البعض، أو رؤى فردية دون أخرى. ومن ناحية لابدّ من الحرص على تبني مقترحات الجمهور المثقف لأي نشاطات قادمة دون اتكال على رؤى واجتهادات ذوي المنصب فقط، إلى جانب تمنيها العميق بالخروج من المكاتب توجهاً للعمل الميداني الحيوي، والعمل على تقاطع الثقافة مع نشاطات المجتمع، وعلى مستوى المدارس، والجامعات، كالحاصل في العديد من دول العالم العربي والغربي، وعلى سبيل المثال: إقامة المناسبات الثقافية في آفاق شعبية أكثر من القاعات المغلقة، كالحدائق العامة، والتي لا تعني تدني مستوى الأمر بقدر تعميم حضوره، وقد سبق على سبيل المثال إقامة أمسية من أروع ما نظمته المملكة المغربية على شرف الشاعر محمود درويش في حديقة عامة، كذلك سبق لي شخصياً _ كما تضيف _ حضور أمسية دعيت لها في حديقة عامة، وقد اعتبرتها خطوة جميلة لإكساب الإبداع خطاً جديداً.
وفي حال تسنى للدكتورة فوزية أبو خالد ترشيح أسماء تجد فيها قدرة لحمل كاهل الآمال، تقول إن هناك الكثير والكثير من الأسماء التي توقن بقدرتهن على حمل مسئولية الأمر بجدارة على سبيل المثال: د. خيرية السقاف، فوزية البكر، فوزية الجار الله، أميمة الخميس، ثريا قابل ... . وغيرهن الكثيرات.

وإذ يرى البعض أن فطام اليأس سبق مخاض الأمل في مثل هذه المنظومات الثقافية التي يعدها البعض متكلسة.. كيف تتخيل الإعلامية الأستاذة ناهد باشطح قادمها؟ وما الذي ننتظره بالفعل منها بدخول النساء لمثل هذه التجمعات الإبداعية، تقول: النساء لا يملكن عصا موسى، وللأسف، لا يستطعن في مثل هكذا لجان أن يحركن الركود، كل ما يفعلنه يمر عبر بوابة الرجل، تماما مثلما الجمل الاشتراطية التقليدية: قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت.
في مثل سؤالك، أخبريني من في اللجان من الرجال أخبرك ماذا ستفعل أو تقدم المرأة فيها، ليس من باب الشعور بالاضطهاد، ولكن من باب التكامل وتقدير الرجل لفكر المرأة بحيث يمنحها الفرصة، وليس الحق في التطوير .
وحول ما إذا تأخر الأمر بما لا يفي العطار بإصلاح ما أفسده تواري دور المرأة مسبقاً تردف: لا، أنا أؤمن بالحكمة اليونانية القديمة: أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل أبدا. وإقصاء النساء لو عدنا للتاريخ موجود منذ القدم، كما تعجبني عبارة شهيرة لامرأة مناضلة من عالم بعيد: " نحن لم نولد نساء لكن المجتمع أرادنا كذلك " . لنقرأ تاريخ النساء اللاتي فرضن إرادتهن، واللاتي لم يعطيهن المجتمع الإذن، بل هن اللواتي فعلن ذلك من باب: " الحقوق لا تهدى " .
وحول فكرة ترشحها يوماً لمجلس النادي ، قالت: أصدقك القول بأنه لم تراودني الفكرة أبدا، ربما لأني لا أعرف حجم المهام المنوطة بهكذا ترشيح ، وربما لأنني لا أتابع الشأن الأدبي حالياً متابعتي شأن الصحافة، هناك من هنّ أكفأ مني لمثل هكذا مكانة، خاصة المتابعات للتحركات الراكدة في مياه الوسط الأدبي.

القاصة والكاتبة الصحفية هيام المفلح في معرض سؤالها عن محور "اليوم" في حال تمّت فكرة الترشيح، وتخيرها لمن هي مؤهلة في نظرها لهذه المسئولية أجابت: تتحدثون عن " الترشيح" وهذا معناه أن هناك "انتخابات"! لكننا لم نسمع شيئا _ إلى الآن _ عن حقيقة وجود انتخابات في النوادي الأدبية.. فكل الأعضاء في نوادي المملكة الأدبية تم تعيينهم ، وسمعنا عن الرغبة في ضم عضوات من النساء لكننا لم نسمع عن انتخابات.. ومادام تعيين العضوات سيأتي _ في حال مجيئه فعلا _ كما جاءت تعيينات أسماء الأعضاء الجدد للنوادي.. فلا لزوم للكلام عن الأديبات المؤهلات لهذه العضوية.. لأن للجهات _ أو للجهة _ التي بيدها التعيين ، اختياراتها وتقييماتها الخاصة!
تضيف المفلح: بالطبع نبارك لكل الأعضاء الجدد في النوادي، مع أن تعيينهم لا دخل لنا فيه، وهذا لا يعني أننا ضد اختيارهم تحديداً، ولكن الحق أننا كنا نتمنى لو تم اختيار قوائم عضوية النوادي بأسلوب الترشح والانتخاب، فالفئات المنتمية، والفئات المعنية، في (المجالس البلدية والغرف التجارية الصناعية وهيئة الصحفيين)، ليست بأرقى حالاً ، ولا أرقى مضموناً من النوادي الأدبية! فلماذا تأخذ تلك الفئات في تلك الجهات فرصتها في اختيار أعضائها، بينما يتم اختيار أعضاء النوادي "من فوق"؟! إن الأدباء والمفكرين، من الجنسين ، عددهم لا يستهان به، وكانوا يستحقون أن يخوضوا تجربتهم الخاصة مع نواديهم بحضارة هم أهل لها.
أكرر .. لسنا ضد من تم اختيارهم، بصفة شخصية، وإنما نحن ضد الطريقة التي اختيروا بها، وضد حرماننا من حق مكتسب لنا ألا وهو الترشح والانتخاب.
أما ما الذي سيحققه انضمام المرأة إلى العضوية، فدعوها تصل للعضوية أولا، ومن ثم سنرى فعلها .. إذ نحن في مرحلة يكفينا فيها إقرار تواجد المرأة على خارطة المجتمع.. لنعترف بوجودها، ولنحجز لها مكانا تحت الضوء أولاً، ومن ثم سنراقب كيف تنمو مواقفها، وتثمر أفكارها وأطروحاتها.

وفي تفاؤل للفنانة التشكيلية بدرية الناصر تجد أن الخبر إن وجد له مكان في الواقع فهو جميل فعلياً، وسيكون لوقعه فرصة استقطاب عدد كبير من المثقفين والمثقفات بفئات مختلفة، إلى جانب الشباب والشابات. أما إن كانت المرأة قد تأخرت كثيراً للوصول فترى أنه لا يمكن إنكار ذلك، إلا أن الأمر لا يجعلنا نستسلم للتشاؤم بسببه، فيظل للقادم تفاؤله.أما عن نوعية الطرح الذي قد تتبناه المرأة من ذلك المنصب فدون شك يؤمل بالتجديد قدر الإمكان فيما يُطرح من جدول أعمال ونشاطات بأكبر قدر من الابتكار .
وحول إذا ما عناها الترشح يوماً لخدمة الحركة التشكيلية لا تنكر بأنه قد لا يعنيها السعي للوصول إلى ذلك، إلا أنها لو سنح لها ترشيح اسم لن تتردد في اختيار الأستاذة سارة الخثلان، وإن كانت من الأسماء البارزة في الوسط الثقافي في المنطقة الشرقية، والتي لها جهودها المميزة التي لا تخفى على متابع، وكونها شخصية رائعة تسعى بكل ما استطاعت لخدمة حضور المرأة، وسيتسنى لها خدمة الشأن الإبداعي في أي مكان أو منصب .

الأحد، صفر ٠٥، ١٤٢٧

تغطية// اليوم الأخير لمعرض الرياض الدولي للكتاب: ازدحام لتدارك ما فات

اليوم الثقافي
الأحد 05 - 02 - 1427هـ
الموافق 03 - 05 - 2006م

بعد أن "طارت الطيور بأرزاقها"00
الأُسَرُ تسابقتْ إلى معرض الكتاب في يومه الأخير

ازدحام في اليوم الأخير في محاولة لتدارك مافات



بانتهاء يوم الخميس 2 صفر اُختتمت الأيام المخصصة للعوائل لزيارة معرض الرياض، وهو اليوم الأخير في المعرض أيضاً. وقد شهد منذ افتتاحه عصراً إقبالاً كبيراً في محاولة لتلاحق بعض الأسر ما فاتها من سابق أيامه، حيث تواجد العديد من الذين أيقنوا بعد أسبوع من الافتتاح والاحتفائية الكبيرة التي تناقلتها وسائل الإعلام والعائلات الزائرة أهمية دافعة للقدوم، مما شجعهم بزخم للمجيء ولو لمجرد أن يكونوا في صورة الحدث. في وقت بدت فيه بعض أجنحة المعرض شبه فارغة، أو تكاد، استعداداً لفض الفعاليات.

التشكيلية منى الفضيلي والتي أخبرتنا بمشغوليتها السابقة للمشاركة في معرض الجنادرية التشكيلي والتي عطلتها عن قدوم أبكر أوضحت أنها لم تكن لتفوت فرصة الحضور فور تمكنها سواء للمعرض أو حضور الجناح التشكيلي.
وحول إذا ما وجدت شيئاً أثار اهتمامها في الكتاب أكدت بأنها لم تتصوره بهذه الصورة الاحترافية كماً ونوعاً، إلا أنها لم تنكر بأن الكثير مما كانت تطمح لاقتنائه نفذ من قبيل أن (الطيور طارت بأرزاقها).

الفوتوغرافية الشابة أروى الحضيف والتي تواجدت للمرة الثانية في المعرض بعد يومه الأول قالت برغم أن هدفها الرئيس حضور الأمسية القصصية التي شاركت فيها شقيقتها هديل الحضيف، إلا أن ذلك لا ينكر رغبتها الفعلية في حضور ختامية المعرض كونه تظاهرة لم يُشهد سابقها، وأضافت لـ (اليوم) بأنها توقن بوجود بعض العيوب التنظيمية، وسطحية البعض في التعامل مع الحدث إلا أن ذلك لن يطغى لكل من حضر المعرض على مدى المفاجأة في الإقبال، وسعي الأسر السعودية للاقتناء من منطلق أن من سيفوته الأمر سيندم ولا شك.
أما عن تقييمها للمعرض بصفة عامة. أوضحت الحضيف بأنها كانت تتمنى قدراً أكبر من التنويع في طرحه العالمي والمؤلفات الأجنبية، إلى جانب توفير كمّ أكبر من إصدارات الصوتيات.

هيا محمد أوضحت بأنها لا تنكر عدم اهتمامها فعلياً بالقراءة، وبأنها حتى لا تفكر باقتناء إصدار معين جاءت بغيته، إلا أنها مذ علمت بأن الخميس سيكون آخر أيام الزيارات قررت القدوم ولو لمجرد الإطلاع بعد الكم الهائل من الحوارات والاهتمامات التي تداولتها زميلاتها في الجامعة حول المعرض وروعته. وحول ما ساءها فيه ذكرت بأن كم الازدحام الذي فرضه اليوم الأخير قتل نوعاً ما استمتاعها بالحضور.

من ناحية شهد جناح مكتبة العبيكان نسبة ازدحام هي الأكبر منذ افتتاح المعرض. (اليوم) سألت أحد مشرفي الجناح عمّا قد يغري زائر العبيكان في المعرض عن زيارة فرع المكتبة الرئيس لدرجة الازدحام الحاصل، فأوضح: بأن طرح عدد من الإصدارات الحديثة والتي لم يكن لرفوف مكتبة العبيكان خارج المعرض نصيب منها بعد.. شجّع على هذا الإقبال، وقال: إلى جانب ذلك فالجناح يوفر حسماً يصل إلى 20% على كافة الإصدارات، عدا عن جناح التوقيع الشخصي الذي لقي إقبالاً مهولاً خاصة لكتاب الإعلامي تركي الدخيل (مذكرات سمين سابق).

على صعيد آخر التقينا ماجد سعود أحد مشرفي نقاط الاستعلام في المعرض لسؤاله عن أكثر الاستفسارات التي واجهته من قبل الزوار، فأجاب قائلاً: بغض النظر عن السؤال الأكثر حول مواقع الدور، تكرر السؤال حول كتب معينة وأيٍّ من دور النشر توفرها تحديداً. أما حول قدرة الزوار على معرفة طريقهم مستعينين فقط بالخرائط الموزعة من المعرض أجاب بأن مقتنيّ خرائط المكان لم يشك من أي لبس فيها. وحول إذا ما تسنى له بعيداً عن جو العمل التجول في المكان كزائر مقتنِّ، أجاب بأنه حاول اقتناص فترات فراغه من عمله لأخذ فكرة عن الموجود، إلى جانب اقتنائه لعدد من الكتب التي أهمته، وأوضح بأنه ودون مجاملة لمركزه في التنظيم فخور ومعجب حقيقة بما حصل في المعرض بكل أجنحته وفعالياته.

الجمعة، صفر ٠٣، ١٤٢٧

تغطية// معرض الرياض الدولي للكتاب في يومه الثالث: "بنات الرياض" أخيراً في الرياض


صحيفة اليوم - تحقيقات وتقارير
الجمعة 03- 02- 1427هـ
الموافق 03- 03- 2006م


قبل نهاية معرض الكتاب بالرياض..
"الدعاية" واليوم الأخير شكلا ضغطاً نفسياً للإقبال على "بنات الرياض"


الرياض_ منال العويبيل


قبل اختتام فعالياته وفي اليوم الثالث للعائلات ضج معرض الرياض الدولي للكتاب بإزدحام نهاية الأسبوع. وفي المغرب وصل الاكتظاظ إلى الذروة. وتنوعت مقاصد الزائرات، ومنهن طالبات جامعيات مكلفات بإعداد أوراق عمل, وأخريات قصدن المعرضة للتسلية فحسب.
من بين مجموعة من طالبات قسم علم الاجتماع بجامعة الملك سعود، قالت ديمة العنزي، أنها حضرت إلى المعرض لإعداد ورقة عمل حول "تجربة جناح الأطفال" ، وورشة وفعالياته المصاحبة بتكليف من الدكتورة فوزية أبو خالد، كورقة عمل دراسية. ولكنَّ ديمة وجدت المعرض جذاباً حد اقتنائها مجموعة لم تتوقعها من الكتب.


_ اختناقات حول "السمين" السابق _

وفي جناح مكتبة العبيكان حدث ما يشبه الاختناق المروري، حول الإعلامي تركي الدخيل ليوقع للزوار على نسخٍ من كتابه "مذكرات سمين سابق"، حيث استمر الزحام لوقت صلاة العشاء . وكان الدخيل سعيداً بالإزدحام الذي وصف بجمالية تسبب كتابٍ له. وقد أجاب بدبلوماسية حول إذا ما كان الازدحام بسبب جاذبية الدخيل الإعلامية أم جاذبية للكتاب مبتسماً: الاثنان معاً.

من ناحية أخرى، دأبت دور نشر على تزويد أجنحتها سريعاً بما ينفذ من كتب حيث حرصت دار الساقي على تزويد جناحها بـرواية "فسوق"، لعبده خال، بنسخ وافرة. وكانت أعداد الرواية قد نفذت يوم الافتتاح.

_ رواية "بنات الرياض".. في الرياض أخيراً _

وقد تواجدت أخيراً رواية "بنات الرياض" لرجاء الصانع الصادرة عن "دار الساقي"، والتي فُسحتْ في اليوم قبل الأخير للمعرض، وقفز سعرها من 40 ريالاً إلى 50 ريالاً، وسط دهشة الزوار. الذين لاحظواكذلك أنَّ الرواية، في طبعتها الثالثة تُباع في جناح "الدار النموذجية اللبنانية" بدلاً من جناح دار "الساقي".

و عدَّ مسئول "بدار الساقي" أنَّ عرض الرواية في جناح الدار النموذجية فيه سعي للربح وانتهاز للفرص.وانتقد زوار المبالغة في سعر الرواية، الذي يختلف كثيراً في مكتبات البحرين على سبيل المثال.

هنوف القبلان رأت بأنه ليس للأمر أهمية بالنسبة لها، خاصة وأنها سبق وقرأت الرواية كنسخة مصورة للأسف, وتضيف بأنها وبقدر ما قد يمكن وصفه بالتعاطف مع الذين لم تتسنى لهم قراءتها بعد، إلا أن هذا الاقتناص للفرصة يعد ربحياً بحتاً، وهذا سلوك لا يليق بدور نشر فكرية.

ويبدو أن مجرد الزحام على "بنات الرياض" قد ضغط نفسياً على الزوار لشراء الرواية. كما تضافرت الدعاية والزحام في نفاد رواية "بنات الرياض" خلال ساعات، ولم تتوان زائرة عن التصريح بأنها سئمت "من هذه الضجة وتسليط الضوء على رواية واحدة". إلا أن ذلك لا يمنعها من تأييد فسحها لكي يقرأها الناس، ويميزون عما إذا كانت شهرة الرواية هي دعاية أو روعة أدبية.


_ الأبحاث والسياسة.. في ركود _

على صعيد آخر، قبعت كتب الأجنحة المختصة بالرسائل العلمية أو البحوث والدراسات، إلى جانب الأطروحات السياسية شبه راكدة على رفوفها في حين كانت تغص بقية الأجنحة، الأدبية منها خاصة، بالزائرين الذين يتفاجأون بعناوين لم يتصوروا وجودها في المعرض.





أمام الكواليس:

أُعدَّت التغطية بمشاركة الصديقة هنوف القبلان

كما أن الصورة بعدستها

: )

الخميس، صفر ٠٢، ١٤٢٧

حوار// مع الروائي يوسف المحيميد

اليوم الثقافي
الخميس 02- 02- 1427هـ
الموافق 02 - 03 - 2006م


بينما يتأسف على منع "نزهة الدلفين" في المعرض..
لا أحب تصنيف الأعمال بنمط التصاعدي أو التنازلي

حاورته: منال العويبيل




بينما يعد ورقة عن تجربته في الكتابة وترجمة روايته (فخاخ الرائحة) إلى الإنجليزية للمشاركة في معرض لندن الدولي للكتاب يوم 6مارس، في ندوة ينظمها المجلس الثقافي البريطاني حول ترجمة الأدب بين العربية والإنجليزية، ضمن روائيين عرب ومستعربين بريطانيين، ودور نشر بريطانية وعربية.. يجد الروائي السعودي يوسف المحيميد ذاته مطارداً للوقت الذي يسبقه دوما كما يقول. نلتقيه اليوم على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب مقتنصاً من ثمين وقته ليشاركنا ودود دلافينه، وروائح فخاخه.

اليوم الثقافي: إثر منع رواية (نزهة الدلفين) محلياً إلى جانب تردد خبر حجبها في معرض الرياض الدولي للكتاب.. هل تظن مثل هذا الوضع أن المنتج الإبداعي يوفى حقه من الوصول للقارئ متكلاً استجدائه مصادر خارجية؟

- المشكلة أننا بدلاً من حلّ مشكلة الرقابة بشكل جذري، اخترعنا درجات من الرقابة، فالعمل المحظوظ هو الذي تجيز الرقابة مخطوطته، من أجل طباعته في الداخل، وهذه أفضل حالات الرقابة، أما الثانية فهو أن ترفض الرقابة المخطوط أو تطلب تعديلات ما، فإما أن يجري الكاتب التعديلات أو تتم طباعة الكتاب في الخارج مثلاً، ثم تبدأ دوامة جديدة، في التعامل مع الكتاب ككتاب خارجي، وهذا الكتاب يمنح أحد نوعين من الإجازة، إما إجازة دائمة ويتم توزيعه في مكتبات الداخل كلها، أو إجازة مؤقتة وهي إجازة معرض، ويتوفر فقط خلال عشرة أيام معرض الكتاب، والأمر الأصعب مع الرقابة هو منع الكتاب نهائياً من الطباعة والتوزيع وحضور المعارض.للأسف (نزهة الدلفين) تعيش الأمر الأخير، ربما أيضاً عدم مشاركة أو إقصاء دار رياض الريس عن المشاركة ساهم أيضاً في عدم وجود الرواية، عموماً ليس أكثر إحباطاً من أن أقابل مئات القراء، ويسألونني السؤال المؤلم: أين نجد "نزهة الدلفين"؟. وبعضهم يقول: أين أجد الدلفين؟ فأجيب ساخراً: في محيط الرقابة!.


اليوم الثقافي: (نزهة الدلفين) تاسع إصداراتك. بعد هذه الخطى التسع هل تنظر لمجموع منجزك الإبداعي كدرجة تاسعة من سلم تصاعدي؟ أم تفضّل جعل كل حالة إبداعية تتولد بمنأى عن سابق، ومتحررة من قادم؟

- لا أحب تصنيف الأعمال بنمط التصاعدي أو التنازلي، كل رواية لها حالة خاصة، في عالمها، مكانها، شخوصها، وقائعها، وبالتالي أسلوب الكتابة الخاصة بها، ومعمارها، واللعبة الحكائية المستخدمة فيها، لذلك أشعر بالحرج حين يسألني صحفي أو قارئ: هل (نزهة الدلفين) مثل القارورة أم (فخاخ الرائحة)؟. فأجيب بأنها مثل (نزهة الدلفين)، أي أنها نمط آخر، ليس بالضرورة أن تشبه هذه أول تلك، بل لعلي لا أريد لها أن تشبه شيئاً آخر ما عدا ذاتها! فحينما أفكر في مشروع رواية جديدة، أسأل نفسي سؤالاً مؤرقاً يحمل بذرة القلق: ما الجديد الذي سأضيفه؟ وأعني الجديد الذي سأضيفه للرواية إجمالاً، أو لتجربتي على الأقل!.


اليوم الثقافي: قدمت الرواية بتوطئة من كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني فيما وصف به الدلفين. هل ذلك من باب التعليل النسبي لخيار المسمى مثلاً، أو ما يشبه إخلاء طرف من السارد لأي: (لماذا) من القارئ، لتصبح: (لمَ لا) من الراوي؟

- لا أبداً، الأمر ليس كذلك، فمقولة القزويني هي مجرد دعم لخصائص الدلفين المبارك الذي ينقذ الغرقى، والدلفين في الرواية هو يد البنت التي تعانق يد الشاب الغريق بالملل والأسى والضجر، فتنقذه وتقوده إلى حياة بديعة من الحب والصمت والمرح والحزن، هكذا تحولت اليد التي تشبه دلفيناً رخوياً إلى منقذ غريق من نوع آخر!.


اليوم الثقافي: تفخيخ السرد بالنفس الشعري كما يبدو في روايتك.. هل ينحى بالقارئ لتذوق عاطفي للنص مما قد يغلب على تتبعه الموضوعي لتقنيات السرد الموجودة وبنية الحدث؟

- لغة هذه الرواية مختلفة شيئاً ما، وهي بالضبط كما سؤالك تنحو صوب الشعري، كون الشخصية الرئيسة خالد اللحياني شاعراً، وكذلك البنت صحافية ولها محاولات شعرية، ورغم ذلك أظن أن الناقد سيكتشف التقنية السردية المستخدمة في هذه الرواية، والتصاعد في الحدث، وتشظية الزمن فيه الذي تبعه الاسترجاع أو الفلاش باك.


اليوم الثقافي: حضور الدلفين في ثنايا الرواية أحدثت نوعاً من التكرار النسبي للفكرة بإلحاح. هل يمكن عد ذلك من قبيل تندية أرضية الحدث.. عن طريق تحويل القارئ لمنعطف ما عوضاً عن تصعيد الحدث نفسه؟

- التكرار هنا يدخل في جمالية العمل، فحين تتكرر كلمة أو جملة معينة في قصيدة، فإن الشاعر هنا يريد أن يعيد شحذ الحالة، هي هكذا في الرواية، كانت طريقة أسلوبية لدفع الحالة إلى أقصى تخومها، تماماً كالقصيدة التي تتكرر فيها كلمة أو جملة أو لازمة معينة، من أجل الانطلاق من جديد تجاه فكرة جديدة.


اليوم الثقافي: بغضِّ النظر عن تراكمية الخبرة الإبداعية.. هل يعد إنهاء عمل إبداعي نقطة ابتداء لرديف قادم؟ أم تنزح لجعل كل عمل حالة تخلّق مفردة ؟

- لا أميل إلى اتخاذ كتابة الرواية كسلسلة أعمال، نهاية إحداها تقود إلى الأخرى، لأنني لم أكتب ولا أفكر بكتابة روايات الثلاثية والرباعية والخماسية، أشعر أن كل رواية حالة خاصة منفردة ومستقلة بشخوصها ونمطها وأسلوبها ولغتها ووقائعها وزمانها ومكانها، ومع ذلك يبقى التراكم الروائي هو ذريعة الناقد لدراسة مجمل تجربة الروائي، بمعنى أن الناقد الحاذق يلتقط عناصر التقاء بين الروايات، كثيمة التأجيل في رواياتي، أو الزمن أو اللغة أو التوثيق أو التاريخ.. وهكذا.


اليوم الثقافي: إذ تعتزم إتمام ترجمة روايتك (فخاخ) للإنجليزية.. هل ترى أن النص المترجم مدين للأصلي بأن يكون نقلاً مخلصاً له.. أم قد يطاله توجه انتقائي قد تتطلبه الترجمة؟

- طبعاً ترجمة (فخاخ الرائحة) انتهت ترجمتها منذ ثلاثة أشهر، بواسطة البريطاني توني كالدربانك، وهي الآن لدى ناشر بريطاني بهدف نشرها، ومن خلال هذه التجربة وتعاملي المباشر مع المترجم، وحرص المترجم ودقَّته الشديدة، لابد أن يطال الترجمة شيئ من المشاورات بين الكاتب والمترجم، لسبب بسيط هو في اختلاف اللغات والثقافات، قد يخطئ هو في فهم جملة أو ما وراء المعنى فيها، فكان لابد أن أتحاور معه، بل أن التعديل قد يطال العنوان نفسه، فما يعد عنوانا أدبيا وجذّابا في لغة ما، قد لا يكون كذلك في لغة أخرى.


اليوم الثقافي: وأنت مقبل على تقديم ورقة حول تجربتك في الندوة التي ينظمها المجلس الثقافي البريطاني حول ترجمة الأدب الشهر المقبل.. هل ترى بأن للأمر مسحة من مسئولية تمثيل وطني، أم تفضل قصره على التمثيل الشخصي؟

- بالتأكيد أنا أنتمي إلى وطن ما في هذا الكوكب، وطن أحبه إلى درجة لومه كل صباح، لماذا لا يجلس معي قليلا وينصت لما أقول، لكنني أحب دائماً أن أمثِّل ذاتي، حتى لا أتحدَّث باسم الوطن، فلست مسئولاً رسمياً فيه، ولست وصياً على فكر الإنسان وأطروحاته هنا، وليس هو وصياً ولا قيداً على رؤيتي وآرائي، من هنا لا أحب أن أحمِّل نفسي أعباء أكبر من طاقتها، صحيح أن ثمَّة شعورا بالفخر أن أجد اسم بلادي في مثل هذه الندوات العالمية، لكنني أسعى دائماً لأن أقول ما أريد، وليس ما يريده الوطن، بالضبط كما الكتابة، كلما كنت متخلصاً من الرقيب الذي يقف فوق كتفك، أصبحت حرَّاً ومتألقاً في إبداعك.


اليوم الثقافي: هذه التجربة التي قد تعد سيرة كتابية ربما.. هل تعتبرها نقطة نظام/ محطة تفحصت فيها مشوارا بما يشبه العصف الذهني لما أُنجز سابقاً؟

- نعم بالضبط هي كذلك، شريط بانورامي سريع لمحطات وتحولات متتالية على مستوى الكتابة، وجهة نظري الخاصة بالكتابة، وبما أنجزت، وحول ماذا يتجه اشتغالي الروائي، ومأزق ترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، كل هذه عناصر تتشكل منها ورقتي، فضلاً عن قول ما يعد جديداً لهؤلاء، من أن بلادي مليئة بكنوز حكايات ومتاهات ومآسي إنسانية أغنى من كنز النفط الذي لا يعرف الغرب عنا سواه.


اليوم الثقافي: المشاركة في التظاهرات العالمية الثقافية تثري المبدع العربي بتجارب قد تتسم بالنموذجية والاحتراف.. فكيف قد يثريها هو بعيداً عن مجرد التعريف؟

- لا يرتبط الأمر بالتعريف، وإلا كان كتاباً مترجماً لي، يكفي عن حضوري الشخصي في مثل هذه الندوة، لكن الأمر يرتبط بنقاش وجدال حول وضع الأدب العربي، وفرص وصوله إلى العالم، وأسباب وجوده على نطاق ضيِّق، ما أريد قوله هو أنني وزملائي الروائيين والشعراء العرب، سنقدِّم الأسباب التي نرى أنها قللت من فرص حضور الأدب العربي في الثقافة الإنجليزية، أظن أن وجود سعدي يوسف وحنان الشيخ ومريد البرغوثي ورضوى عاشور وغيرهم من كبار المستعربين البريطانيين، وكبار الناشرين البريطانيين والعرب، سيوجد فرصة لمداولة الأمر، والبحث عن وسائل تحقق روابط وثيقة بين كل هؤلاء، بين المبدع شاعراً أم روائياً، وناشره العربي، والمترجم الأجنبي والناشر الأجنبي أيضاً، أليست هذه الأضلاع الأربعة هي عناصر نقل الأدب من لغة إلى أخرى؟ أظن ذلك، وهذا ما يتجاوز مسألة التعريف، فالأوربيون كما أعرف ليسوا هواة مظاهر وكلام، فليسوا ظاهرة صوتية، هم لا يطرقون أمراً إلا حين يكونون جادين فيه وجاهزين تماما.